الثلاثاء، 5 مارس 2019

لدي وحش فوق سريري، لكنني لست خائفة!








هل من الطبيعي أن تريد القفز إلى فوهة البركان؟ ليس من أجل أن تموت! لا على العكس إطلاقاً، أن تقفز داخلها لتعيش! لتجعل شيئاً ما بداخلك يهزم. صديق قديم اكتشفت ملازمته لك مؤخراً. كنت تظن في كل مرة تراه فيها أنه مجرد انعكاس لك. مجرد خلقٌ حسن وهبك الله إياه. وفي بعض الأحيان حسبت أنه صخرة رميت في طريقك خلسة ولم تستطع تحريكها. من المفجع أن تكتشف أنه يقاتلك ويهزمك ولم يكن ذلك بسبب قوته، أبداً! لم تكن تحتاج إلى قوة إضافية حتى تمنعه، خلقت بقوة تكفيك دهراً، لكنه الاستسلام، عدم الفهم، الانعطاف الخاطئ، لا أدري ماذا يطلق على ذلك الشعور ناحيته، ربما سذاجة؟ لكن هل السذاجة تعد شعوراً؟ هل تلازمك السذاجة مع مواقف معينة فقط؟ وتكون فطناً في مواقف أخرى؟ لا أدري لم أصل إلى إجابة كاملة شافية نحو هذا الصديق الملازم. أملك نصف إجابة فقط، وربما يكون النصف الأخر مخفياً أو مأكولاً كرغيف يابس. ولست مستاءة المهم إنني وصلت إلى المكان الذي سألت فيه نفسي. المكان الذي توقفت عنده وانتبهت وفكرت وطرحت ملايين الأسئلة. عرفت أنه هناك مشكلة تحتاج سؤالاً. قطعت شوطاً عظيماً حتى وصلت إلى هذه المرحلة. ولم أكن لأفعل ذلك لولا الأرق. ذلك الوقت الثمين الضائع، يهبك الأرق في بعض الأحيان هدية فلا تكتشفها بعد مضي الكثير والكثير من الوقت. ففي السابق كنت أتقلب وأتخبط في فراشي أحاول تجريب كل طقوس استدعاء النوم التي كانت تبوء بالفشل في أحيانًا كثيرة، وحين تفشل كل تلك الطقوس وتسقط كل الخراف على رأسي أزيح ستارة المستقبل قليلاً وأبدأ في لعب أدوار مترقبة، متوقعة، أو متمناه وغالباً ما تكون مستحيلة. يضيع الوقت في التفكير بأشياء بلا معنى. لكن يبدو أن الأرق يحدث لسبب، يحدث لأنك كنت تنام داخلياً، يحدث لأجل كل تلك الأفكار والأحداث التي تراكمت فوق ظهرك طوال تلك السنين الماضية، يتغذى على كل المواقف التي لم تقف عليها ولم تسأل نفسك فيها سؤالاً واحداً، يعيش من أجل كل الأشياء التي فعلتها أو لم تفعلها. لأجل كل الأشياء التي قلتها أو لم تقلها. لكل تلك الأحلام والصدف التي علقت على أصابع الندم لتلعقها قبل أن تأكلها كل سنوات عمرك القادمة. ولهذا يكبر الأرق شيئاً فشيء حتى يقبع على صدرك كل ليلة كجاثوم عجوز، تعتقد أنه عمر ألف سنة في وقت قيلولتك عصراً. فتحاربه بخرافك! لن يزول هذا العجوز حتى تقتله. يجب أن تنهي كل سبب وجد من أجله، خلق من أجله. أن تمحي كل شعور لازال يعلقك بالماضي، يجرك ناحيته، يسحبك، يقتص منك ويؤلمك. انتبه لمكانك، واعرف إلى أين سارت بك رجلاك؟ أين وصلت، وماهي وجهتك؟

من هنا بدأت أتعرف على نفسي وعلى الأصدقاء الملازمين وعلى كل أمنياتي الجديدة وعلى كل الأحلام التي علقت مصلوبة على كتفاي تنتظر من الله أن يرفعها إليه. أعرف في تلك اللحظات أنني كبرت عن الليلة الفائتة، أني أريد الوصول إلى القاع وأنا لم تتعلم السباحة. أنني لا أفكر بالتملك، ولا يهمني الرفض وأن اللامبالاة والتهميش تكسرني إلى الأبد. أنني منذ الأزل وحتى الآن لا زلت لا أحب الحزن وأنني مجرد شخص تورط به، كطفل ضائع يمسك بفستاني باكياً يطلب مني أن أبحث عن والدته. وأنني ربما سأبكي معه وأبحث عنها، المهم أن أعطي لحظة الضياع وقتها وحقها. وأنه سيأتي يوم تخور فيه القوى، ويتغير فيه كل شيء، وأن الانتظار دائمًا متعب وقاتل. ولو أنني اكتشفت من ملازمة الأرق لي في الليالي الماضية أنني سوف أستيقظ. ولن أهتم. أن أدرك أنني أنضج الآن، وأنني إلى الأبد عقل امرأة وقلب صبية. أن أتصالح، أتصالح من نفسي فقط، أنا ومن بعدي الطوفان، لأتحرك أنا أولاً حتى يغير الله ما بي.لكفاني.

ترى ما الذي يمكن أن تهديه لنا الحياة فنغفل عنه، ولا نفك عنه أربطته، ونلقيه بعيداً مكوماً مع أشياء أخرى لاتهم؟ هل نحتاج فعلاً أن نكبر يوماً أو عاماً أو نتخطى سناً معينة حتى نصل إلى مرحلة الإدراك، ألا نستطيع أن ندرك قبل الأوان؟ ما فائدة الإدراك إذا مضى الوقت؟ أم أنها سنة الحياة؟ أو ربما هي مجرد تراكمات تجارب تلقى عليك بالية فتظن أنك لا تستطيع ارتدائها أو لن تصبح مقاسك أبداً، فتكبر وحينما تحاول بكل غباء التراجع ومحاولة لبسها تجدها اختفت وولت أو باتت صغيرة عليك. ليست على قياسك. هل أستطيع أن أعود إلى تلك الليالي التي كنت أتقلب فيها باحثة عن النوم فأدرك فيها كل شيء؟ هل سأجد إجابة؟ على الأقل ذلك لا يهمني الآن.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق