الثلاثاء، 15 يناير 2013

رسائل خجله









لمَ دائماً نحاول البحث عن أشخاص يشابهون أحد قد أحببناه ؟! هل نحن متيقنين أننا سنعطيهم ذات المحبة التي كنا قد وهبناها سابقاً ؟ أم سنرمي بهم في ممرات الحياة بعد أن ندرك أن ما كنا نبحث عنه في الحقيقة لم يتواجد فيهم رغم لطفاتهم ؟ أم أن العكس أصابنا بالرعب من كره الذين سبقوهم بالإحسان ؟

وهذا الذي حدث لي معك يا سيدتي ، حينما اخترتك من بين الجميع لأنك شابهتي السابقة في تقاسيم وجهها ، ظلمتك ! أعلم ذلك ، وأعلم أني بذلك ظلمت نفسي وقتلتها بعدد المرات التي أدمعت عينيك فيها . وأرجو الله أن لا أكون قد قتلت نفسي كثيراً .

لا أدري كيف تملكتني الجرأة لأتكلم و أبوح بما يجول في خاطري من ندم وأسف ، ربما أردتك أن أعود لمكانتي السابقة لديك ، أو لأنني تذكرتك حضنك الدافئ حينما لممتني إليك باكية ، متسائلة عما يجري للحبال التي بيننا ، وما سبب اهترائها . أتعلمين في ذلك اليوم ، كرهت نفسي حتى وددت لو أن أقدمها لك سبية المشاعر التي كانت بيننا ، أحسست بأني قد جمعت غباء الدنيا بأكمله ورسمته في داخل علاقتنا . صددت عنك لأسباب لا أعلم ماهيتها حتى الآن . لا أدري أي شيء قد قلب كياني في عشية وضحاها ، كرهت ما تقولين وما تفعلين ، كانت هي ذاتها الأشياء التي كانت تملئني ضحكاً . لا أعلم لمَ من طلاك بالأسود بعد أن لونتي حياتي بالأبيض . وليس لدي أي عذر لذلك القناع الشاحب الذي كنت أرتديه في كل مرة ألقاك فيها .
ليت أنني استطعت أن أنزع شعورك حينها . أو أنزع ذاكرتي وأعود لأعرفك من جديد وأحبك جديد أكثر بكثير . ليت أنك تغفرين لي خطايي التي لا تغفر ، وتمسحي على جبين من لا يعلم شيء ، وتنزعين مني برودة مشاعرك بوشاح طيبتك الذي أعرف .

قال لي رجل حكيم ذات مره " إذا نسي المحبين أخطاء بعضهم البعض ، فذلك هو الغلو الغفراني  " فهل استطيع أن أطلب منك ذلك ؟ أم أنك معتدلة في مشاعرك ؟




فاصلة نقية ،
أحببتك ، ولا زلت .



الأحد، 13 يناير 2013

لا زالت المدينة مظلمة .











ملؤها بأصبغة المداخن ، أصبحنا نجمع الهواء في كيس فارغ ثم ننقحه حتى نستنشقه .

تقوست ظهورنا من العمل في وظائف قذرة ، نخبز برماد قد اختلط به دقيق ، نكرهه عندما نعود لنشتريه ولا لنا حيلة غير أكله في غرف مظلمة . ونمسح الطرق بمياه عكره ، هي المياه ذاتها التي نغسل بها رقعنا ونستحم بها من أثر الرماد . ونبني البيوت من الوحل ،  وكل ذلك بثمن بخس ، تكلفة وأجرة . لم نرى الشمس منذ زمن ، وتشكل لنا الدخان على هيئة سحب ، وأمطرت لنا ماء أسود ، أنبت في زاويا المدينة شجراً تعفنت ثماره قبل أن يزهر .

أصبنا بقلة السمع والبصر ، وبحموضة في الحناجر ، وأٌوقد في شعبنا الهوائية جمراً حتى تخرقت . يسعل صغيرنا قبل كبيرنا ، والطبيب لدينا لا يجد من يعالجه ، وفي كل يوم نجمع في زاوية في آخر المدينة بقايا من صعدت أرواحهم ، ولا ندري من سيرمى جثة خاوية في تلك الزاوية غداً .
ولا ندري ماهي النهاية ، ولا كيف وصل الحال بنا إلى هنا .