الثلاثاء، 7 أغسطس 2012

مهملات











أجبرتني والدتي كالعادة على ترتيب غرفتي التي تتراكم فيها الأوساخ 30 مره في الشهر ، وبعد أن جمعت الأشياء الكبيرة جلت برأسي باحثاً عن أي شيء أجمعها فيها ، رمقت علبة كبيرة تقبع فوق خزانة ملابسي ، شعرت برجفة حينما رأيتها ورأيت الألوان التي تغطيها ذكرتني بشيء قديم جداً ، رفعت يدي وسحبتها ناحيتي . احتضنتها وجلست على الأرض . كانت تحمل ذكريات مراهقتي بأكملها ، ذكريات تلك المرحلة التي لا أذكر منها سواكِ .!
صرت أجول بيدي وبصري وقلبي هنا وهناك ، بين رسائلكِ وبقايا عطركِ الذي تشبث فيها ، وبين تلكِ الهدايا الصغيرة التي أهديتني إياها في مناسبات مختلفة ، وبعض مخلفات ورد انقلبت ألوانها الزاهية إلى سواد منتحب . وبين بحثي اليتيم سقطت في يدي من بين جموع الذكريات تلك البطاقة التي وضعت فيها رقم بيتنا وكتبت فيها اسمي بخط عريض ورسمت فيها من القلوب لا يعد ولا يحصى بيد مراهق وقلب رجل . أذكر أنني أصبت بداء الحسد في الشهر ذاته ، حينما كنت كل يوم تتصلين ببيتنا لتسمعي صوتي فقط ، واكتفي أنا بصوت أنفاسك القريبة ، وأظل أردد كلمة وأخرى حتى أتيقن بأنك قد امتلأت مني . ولا أنكر أنني أحياناً لا أروي عطشك البريء بصوتي ، حيث أنهي المكالمة العقيمة لأن أحدهم قد مر بجانبي . أتراه كان خوفاً عليك وغيرة ؟! أم مجرد خوف من والدي أن يمنعني من تلقف أنفاسك السريعة من خلف الهاتف ؟!

ارتسمت على شفتي ابتسامة حزينة ، وأعدت قراءة الزمن وتاريخنا الساذج مرة أخرى ، شعرت بأنني قد خلقت من جديد ، وزرت معالم الحب ذاتها التي زرتها معك ، كانت خاوية ، أو ربما كانت ميتة ، قتلتني وإياها شر قتله . وتركتنا بضع مخلفات في أزقة العاشقين ، لا أنكر أنني كنت صغيراً وقتها ، لكن الجرح الذي خلفته في قلبي بات يكبر معي ، حتى أصبح قلبي غير صالح للحب .
لا يهم ، كل ما قلته لا يهم إطلاقاً ، لذا سحبت العلبة وعبأتها بالأوساخ الكبيرة التي كنت قد جمعتها .