الجمعة، 25 مايو 2012

امرأة شرقية










كانت طفلة عندما أحبته ، لم تكن تعي من الحب إلا قليلا . جعلته أباً وأخاً وصديقاً وخليلا . خدعتها رقته وملاطفته لها لصغر سنها وأخبرتها أنه يفضلها من بين كل الصغار . أصابها الغرور منذ ذلك اليوم ، وأصبحت لا ترتدي سوى الفساتين الطويلة ولا ترضى تسريحة لشعرها سوى الضفيرة . أصاباها داء الطاؤوسية ، لا تريد لأحدهم أن يختلس نظرة إليها سواه . صغيره . ساذجة وشرقية !


كبرت قليلاً وأصبحت أكثر نضجاً وغروراً . صار قلبها يدق أكثر من ذي قبل . وهمت تكتب له القصائد والأشعار . ولا تنام إلا على صوت الساهر مغنياً . تجدد مشاعرها كل يوم . وتحكي للعالم عن كل ما يدور في خلجات قلبها . ذات يوم أخبرت صديقتها العقلانية أنها كادت أن تبكي حينما سمعت خبر زواج شقيقته ظناً منها أنه هو من سيتزوج . لترد عليها تلك العقلانية قائلةً : وهل فكرتي في يوم أنه سيكون من نصيبك ؟ . لكنها اكتفت بأن غضت بصرها وسمعها وطبعت على قلبها الغفلة عن كلامها وانسلت. كانت تعلم أن ما تقوله صديقتها حقيقاً و واقعياً لكنها ببساطة لا تريد المشي خلفه . ساذجة وشرقية !


حينما كبرت أكثر وبدأت تشعر بأنوثتها الطاغية التي ستذيبه كرجل شرقي ، أصبحت أكثر دلالاً . وصارت قصائدها معلقات وشاب الساهر ليصبح عبد الحليم ، وانضمت له أم كلثوم في الصورة . أصبحت تعلم أنها لا تتنفس سواه ولا تريد من الحياة إلا لحظة مناسبة منه  . ليتقدم نحوها ويحقق أمنيتها الصغيرة . وبالفعل تقدم وأصبح حلماً و واقعاً لكن لغيرها . و الشيء الوحيد الذي استطاعت أن تفعله بكل جرأة هي أن تقص ضفائرها . شرقية !




الأحد، 20 مايو 2012

صغيرتنآ













منذ أسبوع والبيت كله يرقص معها ، مبتسما لابتسامتها ، نترقب معها لحظتها المميزة التي تنتظرها ، اختنا الصغيرة التي صعدت سلم العمر دون ان نشعر بذلك ، التي تلبسنا في كل مرة تيجان الفخر عندما يتحدثون عنها .
ستزف خريجة اليوم ، من مدرسة صغيرة الى مدرسة اكبر ، وستلون حلمها بالألوان بعد أن خططناه سويا بأقلام الرصاص . ستجدد أمنياتها وستحكي لنا عما ستفعل وماذا تريد .
هي في الحقيقة كبُرت ، لكنها لاتزال لولو الصغيرة

السبت، 12 مايو 2012

احدى السبع الموبقات











عندما كنت أدرس في صفوف المدرسة الصغيرة ، كانت معلمتي دائماً توصيني أن أنوي بقلبي كل صباح أن أجعل خروجي للمدرسة طاعة لله وبحثاً عن مرضاته ، ويوماً بعد يوم استطعت أن أجعل قلبي يتعلق بذلك .
بعد أن اخترت تخصصي في الجامعة وبدأ يتعلق بالمال وبالشركة والمؤسسة ، بت أخشى أن تذهب تلك النية سدى . بدأنا نتطرق إلى مصطلح مغلف بدقة يعرف بالفائدة . بحكم اطلاعي البسيط والمحدود أعلم أن المصطلح هو نفسه الربا لكنه ارتدى فستاناً منمقاً يليق بالزمن الحاضر ، وصدمت أيضاً أن بعض ممن يشاركني مقاعد الدراسة لم يعلم ذلك بتاتاً ، بل حتى أن القليل منهم كان يفكر جدياً في وضع أمواله في بنك تجاري لتعود عليه بالفائدة وهي تترنح في بيتها . 
المخيف في الموضوع ليس خياطتهم لذلك الفستان ، ولا براءة صديقتي حينما أرادت ارتداءه ، الذي يجعلني أفكر في مستقبلي جدياً هذه الأيام . هو إمكانية وجود مكان لا يعتمد على الفوائد ، سواء كان ذلك المكان بنكاً أو حتى شركة . 
هل سأستطيع أن أخلق لي حياة سليمة بعيدة عن الحرام وأكل الحرام . شعرت بالقلق منذ أن أخبرتني صديقتي أنها رفضت دخول أحد أبنائها كلية العلوم السياسية لأنها تتذكر قوله صلى الله عليه وسلم حينما قال القضاة ثلاثة: قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة . 
أدعو الإله ليلاً نهاراً أن يبعدني عن كل ما حُرم ، وأن يطهرني من الشوائب التي لا أعلم عنها . ويفتح بصيرتي ويجعل تعلمي حجة لي لا علي يوم القيامة 

أدوات استفهام ؟











حدثتني صديقتي ذات مرة أن قريباً لها يعشقها . تشعر بأنه يتنفسها . ترى في عينيه نظرة مختلفة ، عاشقة ، حزينة ، ولربما متلهفة . تخبرني بأنه يراها الأنثى الوحيدة منذ الصغر . يعدها بعينيه أنها له وستبقى كذلك . 
كنت أرى في توتر ابتسامتها مشاعر جلية، وكنت أعرف أن عينيها تختبأن بعيداً عن خاصتي ، تحاول خلق تساؤلات عقيمة وتصر على إغلاق أبواب لم تفتح بعد. عرفت أنها أوصدت تلك الأبواب جيداً حينما أخبرتني أن أكبر سؤال يواجهها هو سبب محبته لها؟ وما الشيء المميز فيها الذي جعله ينجذب إليها بقوة ؟
ابتسمت بقدر ما كنت أريد أن أبكي وأرمي ما بدخلي بها ، نثرت الملح فوق الجروح وانسلت ، أحدثت ضجيجاً فارغاً داخلي وهي صامته . تسأل ذات السؤال الذي أرقني لكنها بادلتني الدور . كم مرة يا ترى سألت نفسي السؤال بالمقلوب ؟ كم مرة حصرت مميزاتك لأرى أيها الأقرب لي وأيها إن فقدته فسأكرهك ؟ ما الشيء الغريب الذي يجعلني أراك كاملاً خالياً من أي عيوب ؟ لمَ عندما أحاول بعثرتك وخلق مسافات بيننا تزيد سرعتي ؟ لمَ حكاية صديقتي الصغيرة جعلتني أشفق على فارسها ذو النظرة الحزينة ؟ لمَ شعرت لوهلة أنني كرهت صديقتي في نفس الوقت الذي كنت أريد أن أضمها فيه ؟ 
بالرغم من أنك أنت وإياها قد سلبتما راحة شخصين آخرين ، ولا زلتما تنهبان حياتنا من هنا وهناك . لم تجدا شيئاً أعظم لنا من باب رد الجميل سوى تفكير ساذج ، وأسئلة بسيطة ، قد تستطيعان قراءة أجوبتها في أعيننا . 
لكن سأعتبر أن كلاكما قد أُغفل عن الإجابة ، أو أنه لم يتعلم لغة العيون حتى الآن في مدرسة حياتيه كالتي زرتها مع قريب صديقتي . لذا بعيداً عن عنهما سأتكلم عن نفسي ، وسأحاول أن أشرح لك كيف ولمَ ومتى أحببتك ! 
تخيل لو أنك أويت إلى الفراش عطشاناً ، أجلت شرب الماء إلى الغد . وعندما جاء الغد متمختراً وجدت أن حنجرتك قد أصبحت ممراً ضيقاً جافاً ، وشفتك السفلى قد شقها جرحاً عميق . في ذلك اليوم بالتحديد امتلأت دنياك بسمة وسعادة ، قلبك يخفق ، تريد التحدث لكن بلا جدوى ، حنجرتك المتصحرة لم تستطع إنبات أصوات جديدة ، تريد أن ترسم على شفتيك ابتسامة رائعة لتجد أن ذلك الجرح اللعين يمنعك ، استمتعت ولكن بألم ، وفي نفس الوقت تندمت على يوم ماضٍ أجلت في أن تبلل ريقك . بالرغم من الألم الذي أحدثه لك ذلك اليوم إلا أنك ترى أنه سبب في بقائك رغم جفافك ، تجد أنه هو الوحيد الذي يستطيع خلق ابتسامة مؤلمة لذيذة . 
هذه إجابة كيف .!
أما بالنسبة لـ لمَ .!
عندما تجد أن الله قد بين في أقدراك من تكون أنت ، وكتب مستقبلك ، وقسم لك رزقك ، وفي أي يوم أرض تموت . فالله كتب في أقداري أنني أنا أنت ، ومستقبلي أنت ، ورزقي أنت ، وأرضي التي سأموت فيها عشقاً أنت ، لذا لا أعترض على حكم الله ، ولا أسأل لما قد كتب هذا لي وذاك علي ، أكتفي بالحمد والشكر لله كل ليلة . وحين يمر اسمك أمام مخيلتي أردد اللهم لا اعتراض .
أما إن سألتني عن الزمان وقلت متى ، فالشيء الوحيد الذي أتذكره أنني أحببتك منذ اللحظة التي كنت لست ملكي ، وأدركت أن الشيء الوحيد الذي سيكون من حقي هو البكاء عليك عندما تموت . 
سأكتفي بهذه الأسئلة التي منذ أن خلقت وأنا أحاول الإجابة عليها . منذ أن كنت صغيرة في مهد المشاعر