الاثنين، 22 سبتمبر 2014

أنا لا أتذكر ، لكنني لم أنس !




قرأت لأحد المغتربين قبل مدة فكرة أعجبتني , تتلخص في أنه يمتنع عن الحديث باللغة العربية مع صديق في حال وجود صديق أجنبي آخر , وكانت نيته هي ألا يقع في قوله صلى الله عليه وسلم لا يتناجى اثنان دون الثالث . أحببت فكرته وكيف أنه نقل للعالم الآخر رأفة الإسلام و ومراعاته ، حينها تذكرت موقفاً مشابهاً حصل لي , ربما يتشابه معه بالمقلوب . حيث أذكر انني حينما كنت في الصف الأول الثانوي – وفي ذلك الوقت كنت ضعيفة جداً في اللغة الإنجليزية – كنت أركب الحافلة للذهاب إلى منزلي وقد تعرفت على بعض الزميلات هناك . وفي يوم صيف حار أذكره جيداً , كنت أجلس مع اثنتين من تلك الزميلات نتحدث محاولين قتل الوقت للوصول إلى منازلنا سريعاً , وقتها تكلمت إحداهما بالإنجليزية مخاطبة الأخرى , مع علمها المسبق بأنني أجهل تماماً ما تقوله عندما نستثني بعض الأفعال والحروف . باختصار كانت تريد التحدث بموضوع خاص أمامي ولا تريدني أن أسمعه وفي نفس الوقت تريدني أن أعلم بذلك . أين هو الإسلام هنا ؟
وقتها كنت أنقل ناظري بينهما بماذا أقول ؟ تعجب ! استنكار ! أم أكتفي بنظرة احتقار صغيرة مكسورة , حينها فقط عرفت لمَ نهى حبيبنا عن هذا الفعل المؤذي جداً . أحسست بأنني وحيدة .. وحيدة جداً , التفت ناحية النافذة أوزع ناظري على أماكن شتى , تخترق مسامعي كلمتهم الإنجليزية المتعجرفة . بعد فترة ليست بالقصيرة سألتني صاحبة الموضوع بابتسامة غبية : ليلى ! هل أخطأنا بحقك ؟

لا أدري أين الحماقة , هل هي في صيغة السؤال ؟ أم في أنها نطقت بالسؤال ؟ ولأنني كنت لا  أريد أن أزيد الموقف حماقة قلت : حينما ترضين بما فعلت لا تهتمي بما سيفكر به الآخرون .
ما الذي يجعلنا نتمسك بأصغر الأشياء حينما نريد أن ندعو أحداً للإسلام , أو حينما نريد أن نبين لأحد جمال الإسلام , بينما يختلف الأمر تماماَ حينما نتعامل مع مسلم آخر . ربما بحجة أنه مسلم ويعرف مسبقاً كلا حديث وكل آية ؟ أعلم بأنني إذا ساعدت أحدهم على الوصول إلى طريق ديننا المستقيم فأنني سأنال أجراً كأجره تماماً , لكنني أيضاً أعلم بأن المسلم من سلم المسلون من لسانه ويده ، فنحن أولى أن نعامل بديننا قبل أن نعامل غيرنا . فربما أن الحجة السخيفة التي ذكرتها أعلاه هي من تجعلنا أكثر ألماً , حينما أعلم بأنني وأنت على دين محمد صلى الله عليه وسلم وفعلت ما نهى عنه تكون أكثر فتكاً . دائماً نتجاهل صغائر الأمور ، ونفكر بالأشياء التي نحسب بأنها سوف تدخلنا الجنة لعظمتها بالرغم من أن الدين فصل ويسر وسهل كل شيء للوصول إلى رحمة ربي وجنته ، لكننا نحب تعقيد الأمور وتقليبها . فهل أصبت حينما قلت بأن موقفي يشابه موقف المغترب ولكن  بالمقلوب ؟

وبالنسبة لزميلتيّ فبعد أن أستبعد جمال الإسلام الذي شوهتاه , فسبب تذكري لهذه القصة معلومة صغيرة قرأتها في مكان ما في عالم شبكات التواصل الاجتماعي تقول بأن نسبة لا أتذكرها من الناس سيئة في حفظ ملامح الوجه ولكنها تتذكر المواقف تماماً ، وصادف أن أكون أن قد أدرجت تحت هذه النسبة ، حيث أنني لا أذكر وجه دانه أو وجه أثير , لكنني أذكر تفاصيل تلك اللحظة جيداً . فمن باب أولى أن نحسن مواقفنا قبل أن نحسن ملامحنا , لنحافظ على ما يتذكره الآخرون بعد رحيلنا .