الأحد، 7 أبريل 2013

علمتني أمي !















، 
 تدوينة كتبتها سابقاً ، و أزلتها رغبة في كتابتها من جديد والمشاركة بها في ملتقى رؤى شبابية المقام من قبل الندوة العالمية للشباب الإسلامي 
وقد نلت المركز الأول في المسار الأدبي على مستوى جامعات الرياض للبنات ولله الحمد ..











في حينا القديم ، اعتادت والدتي أن تحيك بعض الملابس لجاراتنا ، وتعلم بناتهن أسسها ، كنت أجلس إلى جوارها ومستندة إلى مكينة الخياطة التي باتت تصدر صوتاً مزعجاً من أثر الخرف غير مبالية بما تقول وما يفعلن من بعد توجيهاتها ، عرفت أن أمي هي الأشهر في الحياكة من بين نساء الحي ، وعلمت أيضاً أنني الأسوأ فيها من بين بناته . لم تكن أمي تريد لأحد أن يخلفها سوى ابنتها ، وكأنها تريد صنع أجيالاً من هذه الحرفة السخيفة . سلكت كل الطرق ، وجربت كل الأساليب حتى تستطيع جذبي إلى مهنتها .  وكالعادة كلنا نخسر أمام أمهاتنا .



طارت أمي عن طريق الواقعية، تركت مكينتها وحلقت في سماء الخيال، اختارت من الأحلام درس لي في الغزل والنسيج ، في كل يوم وبعد أن يذهب الجميع ، تخصني أمي بتلك الدروس ، وكبداية أي شخص ، اخترت الأشياء الصغيرة لأحيكها ، قبعات تزيدني في المعرفة طولاً ، وجوارب ترفعني إلى العلم درجة ، لم أكن جيدة بالتأكيد ، فلا أخفيكم أن بعض منها كان بمقاسات مختلفة ، أو بألوان غير متناسقة ، والبعض منها قد أصابني بجروح في يدي كنت أستحي سابقاً من إظهارها للعلن ، اعتقدت حينها أن الفشل في حياكة الأحلام أمر مخجل .



كبرت وخذلت أمي ، واخترت غزل الأحلام مهنة لي ، وتسلمت مكانها في تعليم المبتدئين ، تعددت قطعي ، وتغيرت غرزي ، وزاد عدد الجروح في يدي ، حتى جاء اليوم الذي قررت فيه أن أحيك الفستان الذي سأزف فيه نحو مستقبلي، اخترته أبيض نقياً، بذلت مجهوداً في حياكته وتهيئة الوضع لإتمامه علقته في خزائن الأيام حتى تحين ساعته ، لا أنكر أني في كل وقت أفتح تلك الخزانة إما تأملاً فيه حتى يزيدني إصرار وقوة أو لأضيف عليه بعض الغرز واللمسات التي تعلمتها.لم أمله ولم يصبح بالياً عتيقاً في نظري بتاتاً، كنت أتباهى به و أخبرت الجميع بإنه سيأتي ذلك اليوم الذي سيرون فيه فتاة قد ارتدت أحلامها.



وبالفعل جاء ذلك اليوم متمختراً،وانزلق فستاني على جسدي مغطياً عري الأيام المؤلمة التي عشتها،كنت فخورة بنفسي ومغرورة، وتكبرت قليلاً. كنت متلهفة للخروج به للعلن حتى أتباهى به.لكن صدمتني ملابس الواقع، اختلف الناس عني مظهراً ولباساً، مزقوا حلمي، اخروجني من دائرة الأحلام المحققة، نفوني من أرضهم لتهمة لم أعرف سببها.



عدت إلى أمي باكية، مستفسرة، لم أقترف ذنباً ولم أسلك للحرام طريقاً ، لم أنتهك حرمات ربي يا أمي ، ما الخطأ فيما ارتديته . ضمتني أمي ناحيتها و قالت مطبطة على ظهري ، فستانك يا ابنتي محرم اجتماعياً ، تصميمه شيء يدعى بالعيب .