لأني أعلم أنه ليست كبقية النساء ، وأنها ستبقى كذلك أذهلني ذلك العقد الذي كان لسانه حاله يقول وأنا أنظر له من خلف زجاج مالكه ( أنا لها ) لم أستطع رفع عيني الصغيرتين عنه . دخلت كالمسحور إلى المحل واشتريته وخرجت وكأنما قد حصلت على حريتي للتو .
تسابقت خطاي في الذهاب إلى البيت ، كنت أريد أن أرى ردة فعلها ، كيف ستتأنق ملامح الفرح على وجهها ، وكيف ستتسابق شفتيها في الميلان الرائع الذي يدوخني .
دخلت البيت أحاول أن أحدد مكانها ، وأسترق النظر إلى كل جزء فيه ، وقد أخفيت العلبة خلف ظهري ، كنت اشعر أن الحب يلعب معي لعبة الاختفاء ، بدآ لي مبتسماً وهو يخفيها في آخر البيت . ناديتها حتى أستطيع تحديد مكانها ، وإذا بصوتها قادماً من المطبخ .
أسرعت بالخطى ودلفت إلى هناك ، كانت تقف ببلاهة تنظر إلي ، شكلها كان يحوي بأنها قد خاضت معركة كبيرة داخل المطبخ .
مال فمي قليلاً وقلت بسخرية : من استسلم اليوم ورفع الراية البيضاء أنتي أم المطبخ ؟
زمت شفتيها بدلال ورفعت حاجبها قائلة : تعلم أن الإستسلام ليس من صفاتي .
ودارت بنعومة لتكمل حربها .
تقدمت ناحيتها ببطئ شديد ، كنت لآ أريد للحظة ترقبي أن تنتهي ، كنت أريد أن أجمد لحظة فرحتها ولحظة سعادتي قليلاً .
مددت يدي أمآم وجهها محاولاً أن أشتت انتبهها عما تفعله . وبالفعل استطعت . توقفت عما كنت تفعله وبقيت لدقائق مشدوهة بدليل أنها لم تلتفت ناحيتي حتى الآن .
ملت ناحيتها وهمست في إذنها : الآ تريدين فتحها ؟!
رجف بدنها بعفوية جراء أنفاسي الذي دخلت في اذنها ، واستسلمت والتفت ناحيتي وطوقتني بذراعيها الصغيرتين .
ضحكت وحثثتها على فتحها قبل أن تعانقني ، لتقفز سريعاً ناحية العلبة .
كانت عينيها تتلامعان مع العقد ، لكنني حتى الآن لآ أدري من الذي أثر بلمعته على الآخر .
وضعته على عنقها وبدأت تدور بدلال ، كانت فرحتها تماماً كما تخيلتها وأكثر بقليل .
تسألني في كل لحظة عن رأيي فيه عندما عانق عنقها . تمسكه وترفعه ناحيتها وتقول لي الكلمات ذاتهآ في كل مره
: أليس جميلاً ، أعلم أنك انبهرت بجماله عندما ابتعته لي .
فأرد عليها
: الأشياء الجميلة المناسبة لنا يضعها الله في طريقنا ، يجعلنا نتبعها بجنون ، تجذبنا بحماقة ، لا نعلم ما الشيء المميز فيها لكننا نعلم أنها خلقت لنا ، نشعر أننا انتظرنا لسنوات عدة من أجلها ، وأن لا شيء في الحياة يناسبنا أكثر منها ، تماماَ كما وضعك الله في طريقي .